رغم ان شهر رمضان الكريم ارتبط بأجواء الإيمان والعبادة والروحانيات، فإن
رمضان التاريخ كان كغيره من الشهور، جرت خلاله احداث وخطوب ووقائع. وحبلت
ايامه بانتصارات وانكسارات، وسقطت فيه دول ونهضت دول، وأرخت أيامه لولادة
ووفاة الكثير من الاعلام والشخصيات من الملوك، والأمراء والوزراء والقادة،
إضافة إلى الأدباء، والمفكرين، والشعراء من النساء والرجال الذين حفظ
التاريخ سيرهم واسهاماتهم ومواقفهم.
والى احداث هذا اليوم
وفاة السيدة فاطمة الزهراء
في
الثالث من شهر رمضان سنة إحدى عشرة للهجرة توفيت سيدة نساء العالمين ابنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها وأرضاها، وقد كان صلوات
الله وسلامه عليه عهد إليها بأنها أول أهله لحوقاً به، وقال لها مع ذلك:
أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة؟
وكانت أصغر بنات النبي صلى
الله عليه وسلم، ولم يبق بعده سواها، فلهذا عظم أجرها لأنها أصيبت به عليه
السلام، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها ويكرمها ويسر إليها وكانت
صابرة ديّنة خيّرة صينة قانتة شاكرة لله. وليس له عليه الصلاة والسلام نسل
إلا من جهتها.
وقد تزوجها ابن عمها علي بن أبي طالب رضي الله عنه في
العام الاول من الهجرة، وذلك بعد «بدر» بأربعة أشهر ونصف الشهر، وكان
عمرها إذ ذاك خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، فولدت له حسناً وحسيناً ومحْسناً
وأم كلثوم التي تزوج بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد ذلك.
ولما
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت فاطمة الزهراء في نفسها شيئاً على
أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله بسبب ميراثها.
يقول ابن كثير: فلما مرضت جاءها الصديق فدخل عليها فجعل يترضاها ويقول:
«والله
ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله
ومرضاتكم أهل البيت، فرضيت رضي الله عنها». رواه البيهقي
ولما حضرتها
الوفاة أوصت إلى أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما
فغسلتها هي وعلي بن أبي طالب وسلمى أم رافع. وقيل: العباس بن عبد المطلب
رضي الله عنهم أجمعين...
واختلف في مقدار سنها يومئذ فقيل انه سبع وعشرون، ثمان وعشرون، وتسع وعشرون سنة. وهي أول من ستر سريرها عند حمل جنازتها.
عزل عبيد الله بن المهدي عن مصر
في الثالث من رمضان عام 181هـ عزل الخليفة هارون الرشيد أخاه لأبيه عبيد الله بن المهدي بن أبي جعفر المنصور عن ولاية مصر.
وكان
الرشيد جمع له فيها، حينما ولاه، إضافة إلى الإمارة إمامة الصلاة وخراج
مصر: سنة 179هـ، ** منها إلى جهة الإسكندرية لما بلغه أن الروم قصدوا
الإسكندرية، ثم عاد إليها حتى صرفه أخوه الرشيد عنها بعد ان تولاها
عامين..
وفاة مروان بن الحكم
في الثالث من شهر رمضان سنة
65 للهجرة توفي الخليفة الرابع من خلفاء بني أمية مروان بن الحكم بن أبي
العاص بن أمية بن عبد شمس، الذي بويع له بالخلافة في الجابية من أطراف
الشام في سنة أربع وستين للهجرة، بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية،
واعلان عبدالله بن الزبير الامارة في الحجاز. وثورة القبائل القبسية
بالشام بقيادة الضحاك بن قبس حتى كانت الوقعة بين الفريقين في مرج راهط
بغوطة دمشق، فقتل الضحاك وانهزم من معه.
وكان له من الأولاد عبد الملك ومعاوية وعبيد الله وعبد الله وأبان وداود وعبد العزيز وعبد الرحمن وبشر ومحمد وبنات.
وكان مروان، قبل توليه الخلافة، كاتبا لعثمان بن عفان أثناء خلافته، وولي إمرة المدينة لمعاوية وموسم الحج.
توفي
مروان بن الحكم بالطاعون في الثالث من شهر رمضان سنة 65هـ وعمره ثلاث
وستون سنة، ودفن بقبة دمشق، وكانت مدة خلافته سبعة أشهر وثمانية عشر
يوماً،
التحكيم بين علي ومعاوية
في الثالث من شهر رمضان عام 37هـ الموافق 11 فبراير 658م، عقد التحكيم بين
امير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان والي الشام.
فبعد
ان تواقع الطرفان في معركة دامية في صفين. وبعد ان رفع جيش معاوية المصاحف
توقفت الحرب، وارتضى الطرفان أن يعودا إلى الحكمة وتحكيم القرآن بينهما،
وأناب كل واحد منهما شخصا ينيب عنه، ويتفاوض باسمه في القضايا محل الخلاف،
فأناب «علي» أبا موسى الأشعري، وأناب «معاوية» عمرو بن العاص، وعقدت لذلك
وثيقة كُتبت في يوم الأربعاء الموافق 13 من صفر سنة 37هـ الموافق الاول من
أغسطس 657م عُرفت بـ«وثيقة التحكيم».
وجعلت الوثيقة شهر رمضان من سنة 37هـ أقصى مدة لإعلان قرار التحكيم،
واختلف الطرفان في نتيجة التحكيم، وقد اقترن بالتحكيم ظهور الخوارج الذين رفعوا شعار لا حكم الا لله، واستيلاء معاوية على مصر.
ولاية الحكم بن المستنصر بالله الأموي في الأندلس
وفي
الثالث من شهر رمضان من يوم الخميس ولي الخلافة في بلاد الأندلس الحكم بن
عبد الرحمن المستنصر بالله. وعمره سبع وأربعون سنة. وكانت خلافته خمسة عشر
سنة وخمسة أشهر
كان الحكم بن المستنصر، شغوفاً بالعلوم حريصاً على
اقتناء دواوينها، يبعث بها إلى الأقطار والبلدان، فحملت إليه من كل جهة
حتى غصت بها بيوته، وضاقت عنها خزائنه، وكان باحثا عن الأنساب مستجلباً
للعلماء ورواة الحديث من جميع الآفاق، يشاهد مجالس العلماء ويسمع منهم
ويروي عنهم، ولم يُسمع في الإسلام بخليفة بلغ مبلغ الحكم في اقتناء الكتب
والدواوين وإيثارها.
بعث إلى أبي الفرج الأصبهاني القرشي المرواني
صاحب كتاب الاغاني ألف دينار عيناً ذهباً، وخاطبه يلتمس منه نسخة من كتابه
الذي ألفه في الأغاني، فأرسل إليه من الأندلس نسخة منه حسنة منقحة، قبل أن
يظهر الكتاب لأهل العراق أو ينسخه أحد منهم، وألف له أيضاً أنساب قومه بني
أمية وأرسل به إلى قرطبة
وكان للحكم ورّاقون في أقطار البلاد ينتخبون
له غرائب التواليف، ورجال يوجههم إلى الآفاق. ومن وراقيه في بغداد محمد بن
طرخان ومن أهل الشرق والأندلس جماعة.
وكان الحكم كثير التصحيح لكتبه
والمطالعة لفوائدها، وقلما تجد له كتاباً في خزائنه إلا وله فيه قراءة
ونظر وتعليق من أي فن كان من فنون العلم. يقرأه ويكتب فيه بخطه. وكان
موثوقاً به مأموناً عليه، صار كل ما كتبه حجة عند الشيوخ الأندلسيين
وأئمتهم.