الكوفية الفلسطينية
ترمز الكوفية الفلسطينية (بلونيها الأبيض والأسود) إلى فلسطين، فأينما
وجدت الكوفية وجدت فلسطين وقلبها النابض في كل مكان لتفوح منها رائحة
الزيتون والبرتقال والزعفران، وهي رمزا دائما للرفض والمقاومة،
وبالنسبة للعالم كله، رمزا للكفاح والحق ورمزا للفلسطيني.
بدأ الفلسطينيون يرتدون الكوفية في ثورة عام 1936، حيث أصبحت رمزا
للمناضلين الذين أعلنوا أيامها أنه يتعين على كل الناس أن يلبسوها. فكانت
عندما تمر دورية البريطانيين على القهوة تجد كل من فيها يرتدي
الكوفية، فلا يتمكنون من تمييز المناضلين من الناس العاديين.
التفت الكوفية الفلسطينية على عنق عز الدين القسام وتشبعت بدماء
الكثير من الشهداء، ولم يختلف على دلالتها أحد، لا من اليمين ولا من
اليسار، فهي كوفية الفلاح والشاعر والمقاتل والرئيس، وهي كوفية الطفل
والشاب والكهل، وهي شال الطالبة الجامعية وشال الزوجة والأخت.
وليست الكوفية الفلسطينية البيضاء المنقطة بالأسود مجرد هوية
فلسطينية جغرافية وشعبية، بل أصبحت هوية عربية وعالمية نضالية.
كما لا يمكن القول إن هناك “حقوق ملكية” لهذه الهوية ولهذه الكوفية الآن،
فها هو جوزيه بوفيه الناشط الفرنسي في حقوق الإنسان يرتديها، وكذلك
نواب في مجلس العموم البريطاني وصحافيون أجانب وكما يرتديها الآلاف
من الشباب التقدمي في العالم، يرتديها أعضاء المنظمات الفدائية الفلسطينية.
هذا وقد كانت الكوفية من ضمن علامات ورموز أبجدية العلي الكاريكاتيرية
التي زادت على خمسة وثمانين علامة ورمزا وإشارة لتدل على تجليات
مختلفة ومعاني مختلفة. فالكوفية في لغة العلي كانت رمز الحياة ورمز
البقاء الفلسطيني.
إن أكثر اللوحات البليغة المكثفة احتواء للمعاني الكثيرة للكوفية، تلك اللوحة
التي صور فيها العلي الفقمازير الرخوية وهم يزوّرون الهوية الفلسطينية
باستعمالهم للكوفية/ الرمز استعمالا مشينا ومضللا. فقد أراد في هذه اللوحة
أن يكشف ويفضح الفقمازير الرخوية الذين لا يمتون إلى فلسطين بصلة إلا
من خلال تلويحهم بالكوفية ولبسهم واستعمالهم لها في كل مناسبة استعمالا
تجاريا مزيفا.
وأخيرا أصبحت الكوفية مسؤولية كبيرة لكل من يرتديها في أن يكون على
مستوى هذا الرمز العظيم ولا يجيرها لخدمة مشاعر إقليمية ما عاد لها مكان
في هذا الزمان، فالكوفية الفلسطينية أصبحت بمثابة “راية فلسطينية” ترفرف
رمزاً لفلسطين في كل مكان في العالم.
تقبلوا تحياتي