مجزره جنين
مجزرة جنين هو اسم يطلق على عملية التوغل التي قام بها الجيش الاسرائيلي في جنين في الفترة من 3 إلى 12 نيسان / ابريل 2002واستمرت نحو 10 ايام, و تدّعي الحكومة الاسرائيلية وقوع معركة شديدة في جنين، مما اضطر جنود الجيش الاسرائيلي إلى القتال بين المنازل, بينما تقول السلطة الفلسطينية ومنظمات حقوق الانسان ومنظمات دولية اخرى ان القوات الاسرائيلية اثناء إدارة عملياتها في مخيم اللاجئين قامت بارتكاب اعمال القتل العشوائي، واستخدام الدروع البشريه، والاستخدام غير المتناسب للقوة، و عمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب، ومنع العلاج الطبي والمساعدة الطبية.
وقد كانت هذه العملية ضمن عملية اجتياح شاملة للضفة الغربية، أعقبت تنفيذ عملية تفجير في فندق في مدينة نتانيا, وقد هدفت عملية الاجتياح القضاء على المجموعات الفلسطينية المسلحة التي كانت تقاوم الاحتلال، وكانت جنينوبلدة نابلس القديمة مسرحاً لأشرس المعارك التي دارت خلال الاجتياح، حيث قرر مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين محاربة القوات الاسرائيلية حتى الموت، الأمر الذي أدى إلى وقوع خسائر طفيفة في صفوف القوات الاسرائيلية، ومن ثم قامت باجتياح مخيم جنين والقضاء على المجموعات المقاتلة حيث تم قتل واعتقال معظمهم، كما قامت القوات الاسرائيلية بعمليات تنكيل وقتل بحق السكان - حسب المصادر الفلسطينية ومعظم المصادر الاخبارية العالمية المحايدة والجمعيات الدولية - أدى إلى سقوط العشرات، فيما حملت إسرائيل المقاتلين الفلسطينيين مسؤولية تعريض حياة المدنيين للخطر.
وقد قتل في هذه المذبحة بحسب تقرير الامم المتحدة 58 فلسطينيا, وهدم حوالي 400 منزل, بالاضافة إلى المئات من المصابين والجرحى والمشردين.
ومن الذين شهدوا المذبحة واكدوا على وقوعها: لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة, منظمة العفو الدولية, تيري رود لارسن - منسق الأمم المتحدة في الشرق الأوسط -, الوفد البرلماني الحزبي الأوروبي, ووفد (الأدباء والمفكرين العالميين) الذي يمثل (البرلمان العالمي للكتّاب). وهو وفد يضم شخصيات ثقافية وأدبية عالمية مثل: الروائي الأمريكي راسل بانكس, ورئيس البرلمان العالمي للكتاب وول سوينكا، الحائز جائزة نوبل للآداب, ورئيس البرلمان السابق البرتغالي خوسيه ساراماغو، الحائز - كذلك - جائزة نوبل للآداب, وبي داوو الصيني وهو أحد مؤسسي برلمان الكتاب, والشاعر والروائي برايتن برايتناخ (جنوب أفريقيا), وكرستيان سالمون (فرنسا), وفيشنزو كونولو (ايطاليا), وخوان غويتسولو (اسبانيا).
ومن ضمن روايات الشهود المحايدين على هذه المجزرة, قال خوسيه ساراماغو بعد زيارته للمخيم ابّان المجزرة: «كل ما اعتقدت أنني أملكه من معلومات عن الأوضاع في فلسطين قد تحطم، فالمعلومات والصور شيء، والواقع شيء آخر، يجب أن تضع قدمك على الأرض لتعرف حقاً ما الذي جرى هنا.. يجب قرع أجراس العالم بأسره لكي يعلم.. ان ما يحدث هنا جريمة يجب أن تتوقف.. لا توجد أفران غاز هنا، ولكن القتل لا يتم فقط من خلال أفران الغاز. هناك أشياء تم فعلها من الجانب الاسرائيلي تحمل نفس أعمال النازي أوشفيتس. انها أمور لا تغتفر يتعرض لها الشعب الفلسطيني». وقال راسل بانكس - رئيس البرلمان العالمي للكتاب - : «ان الساعات التي قضيتها في فلسطين حتى الآن حفرت في ذاكرتي مشاهد لن أنساها أبداً.. عندما اجتزنا الحاجز أحسست بأن الباب أغلق خلفي واني في سجن. إن جميع أعضاء الوفد متأكدون أنه سيتم اتهامهم بـ (اللاسامية) خصوصاً في الولايات المتحدة. لكن هذا لا يخيفنا. يجب أن نرفض هذا النوع من (الإرهاب الثقافي) الذي يدعي أن توجيه الانتقادات للجرائم الاسرائيلية ضد الفلسطينيين هو نوع من معاداة السامية». أما خوان غويتسولو فقد قال: «كيف يفسر حق الدفاع عن النفس بأنه إرهاب، والإرهاب دفاع عن النفس!! إني أستطيع أن أعدد دولاً تمارس الإرهاب، واسرائيل هي احدى هذه الدول. يجب أن نخرج أنفسنا من الكليشهات، وألا نساوي بين القاتل والضحية، بين القوة المحتلة والشعب الذي يرزح تحت الاحتلال ويقاومه.
ونحن ممثلو شعوبنا غير المنتخبين. وعلينا أن ننقل بأمانة ما تشاهده أعيننا، وتحسه قلوبنا». وعلى لسان تيري رود لارسن منسق الامم المتحدة في الشرق الاوسط: ان الوضع في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين مذهل ومروع لدرجة لا تصدق, إن الروائح الكريهة المنبعثة من الجثث المتحللة تحوم في أنحاء المخيم، يبدو كما لو أنه (أي المخيم) تعرض لزلزال, شاهدت فلسطينيين يخرجون جثثا من بين حطام المباني المنهارة، منها جثة لصبي في الثانية عشرة من عمره, أنا متأكد بأنه لم تجر عمليات بحث وإنقاذ فعلية.
أعد أكثر من فيلم سينمائي ووثائقي لتصوير المجزرة وايصالها للعالم مثل فيلم (جينينغراد) وفيلم (جنين) للمخرج محمود بكري.