سيره الذاتيه لشيخ احمد ياسين
أحـمـد يـآسيـن
صباح يومالاثنين 22-3- 2003، لم يكن عاديا في مدينة غزة، السماء تلبدت بدخان أسود انطلق منالنيران التي أشعلت في إطارات السيارات، و ضج صمتها أصوات القنابل المحلية الصوتالذي أطلقه الفتية.
سالت الدموع بغزارة من عيون الفلسطينيين حزنا على الشيخأحمد ياسين زعيم و مؤسس حركة حماس، في حين علت أصوات المساجد مؤبنة هذا الرجلالقعيد الذي شهدته ساحاتها خطيبا وداعية.
آلاف الفلسطينيين هرعوا من نومهمغير مصدقين نبأ استشهاد شيخ فلسطين، تجمهروا أمام ثلاجات الشهداء بمستشفى الشفاءبغزة حيث يرقد الشيخ.
وهناك اختلطت المشاعر، شبان يبكون، و أطفال يهتفونوثوار يتوعدون بالثأر، وشيوخ التزموا الصمت، إلا من دموع قد تحجرت في المقل حزناعلي الشيخ الذي يعد أحد أهم رموز العمل الوطني الفلسطيني طوال القرنالماضي.
ولد أحمد إسماعيل ياسين في قرية (جورة )قضاء مدينة المجدل (علي بعد 20 كيلو متر شمالي غزة ) عام 1936 و مات والده وعمره لم يتجاوز ثلاثسنوات.
و كني ياسين في طفولته بـ ( احمد سعدة ) نسبة إلي أمه الفاضلة (السيدة سعدة عبد الله الهبيل) لتمييزه عن أقرانه الكثر من عائلة ياسين الذينيحملون اسم احمد.
و حينما وقعت نكبة فلسطين عام 1948 كان ياسين يبلغ منالعمر 12 عاما، و هاجرت أسرته إلي غزة، مع عشرات ألاف الأسر التي طردتها العصاباتالإسرائيلية.
وقبل الهجرة التحق أحمد ياسين بمدرسة الجورة الابتدائية وواصلالدراسة بها حتى الصف الخامس حتى النكبة التي ألمت بفلسطين وشردت أهلها عام 1948.
و عانت أسرة الشيخ كثيرا شأنها شأن معظم المهاجرين آنذاك و ذاقت مرارةالفقر والجوع والحرمان، فكان يذهب إلى معسكرات الجيش المصري مع بعض أقرانه لأخذ مايزيد عن حاجة الجنود ليطعموا به أهليهم وذويهم.
ترك الدراسة لمدة عام (1949-1950) ليعين أسرته المكونة من سبعة أفراد عن طريق العمل في أحد مطاعم الفولفي غزة، ثم عاود الدراسة مرة أخرى.
في السادسة عشرة من عمره تعرض أحمد ياسينلحادثة خطيرة أثرت في حياته كلها منذ ذلك الوقت وحتى الآن، فقد أصيب بكسر في فقراتالعنق أثناء لعبه مع بعض أقرانه عام 1952.
و عانى الشيخ كذلك إضافة إلىالشلل التام من أمراض عديدة منها فقدان البصر في العين اليمنى بعدما أصيبت بضربةأثناء جولة من التحقيق على يد المخابرات الصهيونية في فترة سجنه، وضعف شديد في قدرةإبصار العين اليسرى، والتهاب مزمن بالأذن وحساسية في الرئتين وبعض الأمراضوالالتهابات المعوية الأخرى.
أنهى الشيخ أحمد ياسين دراسته الثانوية فيالعام الدراسي 57/1958 ونجح في الحصول على فرصة عمل رغم الاعتراض عليه في البدايةبسبب حالته الصحية، وكان معظم دخله من مهنة التدريس يذهب لمساعدة أسرته.
معالقضية الفلسطينية شارك وهو في العشرين من العمر في المظاهرات التي اندلعتفي غزة احتجاجا على العدوان الثلاثي الذي استهدف مصر عام 1956 وأظهر قدرات خطابيةوتنظيمية ملموسة، حيث نشط مع رفاقه في الدعوة إلى رفض الإشراف الدولي على غزة مؤكداضرورة عودة الإدارة المصرية إلى هذا الإقليم.
كانت مواهب الشيخ أحمد ياسينالخطابية قد بدأت تظهر بقوة، ومعها بدأ نجمه يلمع وسط دعاة غزة، الأمر الذي لفتإليه أنظار المخابرات المصرية العاملة هناك، فقررت عام 1965 اعتقاله ضمن حملةالاعتقالات التي شهدتها الساحة السياسية المصرية التي استهدفت كل من سبق اعتقاله منجماعة الإخوان المسلمين عام 1954، وظل حبيس الزنزانة الانفرادية قرابة شهر ثم أفرجعنه بعد أن أثبتت التحقيقات عدم وجود علاقة تنظيمية بينه وبين الإخوان.
بعدهزيمة 1967 التي احتلت فيها القوات الصهيونية كل الأراضي الفلسطينية بما فيها قطاعغزة استمر الشيخ أحمد ياسين في إلهاب مشاعر المصلين من فوق منبر مسجد العباس بحيالرمال بمدينة غزة الذي كان يخطب فيه لمقاومة المحتل، وفي الوقت نفسه نشط في جمعالتبرعات ومعاونة أسر الشهداء والمعتقلين، ثم عمل بعد ذلك رئيسا للمجمع الإسلامي فيغزة.
زعيم الإخوان في فلسطين يعتنق الشيخ أحمد ياسين أفكارجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر على يد الإمام حسن البنا عام 1928، ويعتبر الشيخ زعيم هذه الجماعة في فلسطين.
اعتقل الشيخ أحمد ياسين علي يدقوات الاحتلال عام 1982 ووجهت إليه تهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة أسلحة وأصدرتعليه حكما بالسجن 13 عاما، لكنها عادت وأطلقت سراحه عام 1985 في إطار عملية لتبادلالأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادةالعامة.
بعد اندلاع الانتفاضة الكبري في 8-12-1987 قرر الشيخ احمد ياسين مععدد من قيادات جماعة الإخوان تكوين تنظيم إسلامي( حماس)، ومنذ ذلك الوقت والشيخياسين يعتبر الزعيم الروحي لتلك الحركة.
اعتقلته قوات الاحتلال بتاريخ 18مايو- أيار- 1989 مع المئات من أعضاء حركة حماس.
وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول 1991 أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكما بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عاما أخرى،وجاء في لائحة الاتهام أن هذه التهم بسبب التحريض على اختطاف وقتل جنود إسرائيليينوتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني.
إلا إن سلطات الاحتلال اضطرتللإفراج عنه فجر يوم الأربعاء 1/10/1997 بموجب اتفاق جرى التوصل إليه بين الأردنوالاحتلال يقضى بالإفراج عن الشيخ مقابل تسليم عميلين يهوديين اعتقلا في الأردن عقبمحاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماسفي عمان، قبل أن يعود إلي غزة و يخرج عشرات الآلاف من الفلسطينيينلاستقباله.
و قد حاولت سلطات الاحتلال بتاريخ 6-9-2003 اغتيال الشيخ احمدياسين و برفقته إسماعيل هنية القيادي في حماس حينما استهدف صاروخ أطلقته طائراتحربية صهيونية مبنى سكني كان يتواجد فيه.
إلا إن قدر الله إن يكون الشيخاحمد ياسين شهيدا بجوار ربه في صباح يوم الاثنين 22-3- 2003 بعد أن أطلقت عليهالطائرات الإسرائيلية صاروخين بعد خروجه من المسجد القريب من بيته وبعد أدائه صلاةالفجر